للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزهريِّ في قولِه: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾. قال: هو كعبُ بنُ الأشرفِ، وكان يحرِّضُ المشركين على النبيِّ وأصحابِه في شعرِه، ويهجو النبيَّ [وأصحابه] (١)، فانطلَق إليه خمسةُ نفرٍ من الأنصارِ فيهم محمدُ بنُ مَسْلمةَ، ورجلٌ يقالُ له: أبو عَبْسٍ، فأَتَوْه وهو في مجلسِ قومِه بالعوالي (٢)، فلما رآهم ذُعِر منهم. وأنكر شأنَهم، وقالوا: جئناك لحاجةٍ. قال: فلْيَدْنُ إليَّ بعضُكم فلْيحدِّثْني بحاجتِه. فجاءه رجلٌ منهم فقال: جئناك لنبيعَك أدراعًا عندَنا، لنستنفِق بها. فقال: واللَّهِ لئن فعَلتم لقد جهِدتم منذ نزَل بكم هذا الرجلُ. فواعدوه أن يأتُوه عِشاءً حينَ يَهْدَأُ (٣) عنهم الناسُ، فأتَوه فنادَوه، فقالت امرأتُه: ما طرَقك هؤلاء ساعتَهم هذه لشيءٍ مما تحِبُّ. قال: إنهم حدَّثوني بحديثِهم وشأنِهم. قال معمرٌ: فأخبرني أيوبُ، عن عكرمةَ، أنه أَشْرَف عليهم فكلَّمهم، فقال (٤): أتَرْهَنوني أبناءَكم - وأرادوا أن يبيعَهم تمرًا - قال: فقالوا: إنا نستحيى أن تُعَيَّرَ أبناؤُنا، فيقالَ: هذا رهينةُ وَسْقٍ، وهذا رهينةُ وَسْقين. فقال: أتَرْهَنوني نساءَكم؟ فقالوا: أنت أجملُ الناسِ، ولا نأمَنُك، وأيُّ امرأةٍ تمتنعُ منك لجمالِك؟ ولكنا نَرْهَنُك سلاحَنا، فقد علِمتَ حاجتَنا إلى السلاحِ اليومَ. فقال: ائتونى بسلاحِكم واحْتَمِلوا ما شئتُم. قالوا: فانزِلْ إلينا نأخُذْ عليك وتأخُذُ علينا. فذهَب ينزِلُ، فتعلَّقت به امرأتُه وقالت: أَرْسِلْ إلى أمثالِهم من قومِك يكونوا معك. قال: لو


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) العوالي: ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال، وقيل: ثلاثة. وذلك أدناها، وأبعدها ثمانية. معجم البلدان ٣/ ٧٤٣.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "هدي"، وفى م: "هدأ". والمثبت من تفسير عبد الرزاق.
(٤) بعده في تفسير عبد الرزاق: "ما ترهنوني".