للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى ذلك: يَحْفَظُون (١) عليه من (٢) اللَّهِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾. قال: يَحْفَظُون عليه من اللَّهِ.

قال أبو جعفرٍ: يعنى ابن جريجٍ بقولِه: يحفَظُون عليه. الملائكةَ الموكَّلةَ بابنِ آدمَ؛ بحفظِ حسناتِه وسيئاتِه، وهى المعقِّباتُ عندَنا، تَحْفَظُ على ابن آدمَ حسناتِه وسيئاتِه من أمرِ اللَّهِ. وعلى هذا القولِ يَجِبُ أن يَكُون معنى قولِه: ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾: أن الحَفَظَةَ من أمرِ اللَّهِ، أو تحفَظُ بأمرِ اللَّهِ، ويجِبُ أن تكونَ الهاءُ التي في قولِه: ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾. وُحِّدت وذُكِّرت. وهى مرادٌ بها الحسناتُ والسيئاتُ؛ لأنها كنايةٌ عن ذِكْرِ "من" الذي هو مستخفٍ بالليلِ، وساربٌ بالنهارِ، وأن يَكُونَ المستخفى بالليلِ، أُقيم ذكرُه مُقامَ الخبرِ عن سيئاتِه وحسناتِه، كما قيل: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾ [يوسف: ٨٢].

وكان عبدُ الرحمنِ بنُ زيدٍ يقُولُ في ذلك خلافَ هذه الأقوالِ كلِّها.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَار﴾. قال: أتى عامرُ بنُ الطفيلِ، وأرْبَدُ بنُ رَبيعةَ (٣) إلى رسولِ اللَّهِ ، فقال عامرٌ: ما تَجْعَلُ لى إنْ أنا اتبَعتُك؟ قال: "أنتَ فارِسٌ


(١) في ت ١، ت ٢، س، ف: "يحفظونه".
(٢) بعده في ت ١، ت ٢: "أمر".
(٣) في ت ١، ت ٢، س، ف: "زمعة". وهو أربد بن قيس بن مالك بن جعفر، أخو لبيد بن ربيعة لأمه. وينظر تاريخ الطبرى ٣/ ١٤٤، ١٤٥.