للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها؛ لأن ذلك - مع وجودِه الطولَ إلى الحُرَّةِ - منه قَضاءُ لَذَّةٍ وشَهْوةٍ، وليس بمَوضعِ ضَرورةٍ [تُرْفَعُ برُخْصَةٍ] (١)، كالميتِة للمُضطرِّ الذي يَخافُ هلاكَ نفسِه، فيَتَرَخَّصُ في أكِلها ليُحْيِيَ بها نفسَه، وما أشْبَهَ ذلك من المُحَرَّماتِ اللواتى رَخَّص اللهُ لعبادِه في حالِ الضرورةِ والخوفِ على أنفسِهم الهلاكَ منه، ما حَرَّم عليهم منها في غيرِها من الأحوالِ، ولم يُرَخَّصِ اللهُ لعبدٍ في حرامٍ لقضاءِ لَذَّةٍ.

وفي إجماعِ الجميعِ على أن رجلًا لو غَلَبه هوى امرأةٍ حرةٍ أو أمَةٍ (٢)، أنها لا تَحِلُّ له إلا بنكاحٍ، أو شراءٍ على ما أَذِنَ اللهُ به، ما يُوضِّحُ فسادَ قولِ مَن قال: معنى الطَّوْلِ في هذا الموضعِ، الهَوَى. وأجاز لِواجِدِ الطَّوْلِ لحُرَّةٍ نِكَاحَ الإماءِ.

فتأويلُ الآيةِ، إذْ كان الأمرُ على ما وَصَفْنا: ومَن لم يَجِدْ منكم سَعَةً من مالٍ لِنكاحِ الحَرائرِ، فلْيَنكِحْ مما مَلَكَت أيمانُكم.

وأصلُ الطَّوْلِ: الإفضالُ. يقالُ منه: طالَ عليه يَطُولُ طَوْلًا. في الإفضالِ. وطالَ يَطولُ طُولًا. في الطُّولِ الذي هو خلافُ القِصَرِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾.

يعنى بذلك: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ﴾ أَيُّها الناسُ ﴿طَوْلًا﴾ يعنى: من الأحرارِ، ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ وهنَّ الحَرَائرُ المؤمناتُ اللواتي قد صَدَّقْن بتوحيدِ اللهِ وبما جاء به رسولُ اللهِ من الحقِّ.


(١) في م، ت ٢، ت ٣: "تدفع ترخصه"، وفى ت ١: "برفع يرخصه"، وفى س: "تدفع برخصة".
(٢) في م: "امرأة".