للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾. قال: هواءٌ ليس فيها شيء، خرَجَت من صدورِهم، فنشِبَت في حلوقِهم (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾. انْتُزِعَت حتى صارت في حناجرِهم، لا تَخْرُجُ مِن أفواهِهم، ولا تَعودُ إلى أمكنتِها (٢).

وأولى هذه الأقوالِ عندى بالصوابِ في تأويلِ ذلك قولُ مَن قال: معناه أنَّها خاليةٌ، ليس فيها شيءٌ من الخيرِ، ولا تعقلُ شيئًا. وذلك أنَّ العربَ تُسمِّى كلَّ أجوفَ خاوٍ هواءً، ومنه قولُ حسانَ بن ثابتٍ (٣):

ألا أَبْلِغْ أبا سفيانَ عنى … فأنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ (٤) هَوَاءُ

ومنه قولُ الآخَرِ (٥):

ولا تَكُ مِن أَخْدانِ كُلِّ يَراعةٍ … هَواءً كَسَقْبِ البانِ جُوفٍ مَكَاسِرُهْ (٦)

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٤٣ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٨ إلى ابن المنذر.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٩٧) من طريق سعيد به.
(٣) ديوانه ص ٧٥.
(٤) نخب: جبان كأنه منتزع الفؤاد، أي: لا فؤاد. اللسان (ن خ ب).
(٥) نسبه في اللسان (ع ى ر، هـ و ا) إلى كعب الأمثال وهو أيضًا في مجاز القرآن ١/ ٣٤٤ غير منسوب.
(٦) اليراعة: الجبان الذي لا عقل له ولا رأى مشتق من القصب سقب البان: السقب: عمود الخباء، والبان: شجر يسمو ويطول في استواء. جوف: جمع أجوف. مكاسره: جمع مَكْسِر: وهو موضع الكسر اللسان (ي ر ع، س ق ب، ب ي ن، ك س ر).