للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالتأويلُ الذى يَدُلُّ على صحتِه ظاهرُ التِّلاوةِ إذن: أتَأْمُرون. الناسَ بطاعةِ اللهِ وتَتْركون أنفسَكم تَعْصِيه؟ فهلَّا تَأْمُرونها بما تَأْمُرُون به الناسَ مِن طاعةِ ربِّكم جلَّ وعز؟ مُعَيِّرَهم بذلك ومقبِّحًا [لهم قبيحَ] (١) ما أتَوْا به (٢).

ومعنى نسيانِهم أنفسَهم في هذا الموضعِ نظيرُ النسيانِ الذي قال جل ثناؤُه: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]. بمعنى: ترَكوا طاعةَ اللهِ فترَكهم اللهُ مِن ثوابِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعني بقولِه: ﴿تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾: تَدْرُسون وتَقْرَءون.

كما حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا بشرٌ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾. يقُولُ: تَدْرُسون الكتابَ بذلك (٣).

ويعنى بـ ﴿الْكِتَابَ﴾: التَّوْراةَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعني بقولِه: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: أفلا تَفْقَهون وتَفْهَمون قُبْحَ ما تَأْتون مِن معصيتِكم ربَّكم التي تأْمُرون الناسَ بخِلافِها وتَنْهَونهم عن رُكوبِها، وأنتم راكبُوها، وأنتم تَعْلَمون أن الذي عليكم مِن حقِّ اللهِ وطاعتِه في اتباعِ محمد والإيمانِ به وبما جاء به، مثلُ الذي على مَن تَأْمُرونه باتِّباعِه.

كما حدَّثنا به محمدُ بنُ العَلاءِ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا


(١) في الأصل: "لهم قبح"، وفي م "إليهم".
(٢) في ص: "منه".
(٣) تقدم أوله في ص ٦١٤.