للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نادَت الملائكة رجالًا في النارِ يَعْرِفونهم بسيماهم ﴿مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ﴾. قال: فهذا حين دخل أهل الجنة الجنةَ ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾.

القول في تأويل قوله جل ثناؤُه: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)﴾.

وهذا خبرٌ مِن الله تعالى ذكره عن استغاثة أهل النار بأهل الجنة عند نزول عظيم البلاء بهم، من شدة العطش والجوع؛ عقوبةً من الله لهم على ما سلف منهم في الدنيا، من ترك طاعة الله في أداء ما كان فرض عليهم فيها في أموالهم من حقوق المساكين، من الزكاة والصدقة. يقول تعالى ذكره: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾ بعد ما دخلوها ﴿أَصْحَابَ الْجَنَّةِ﴾ بعد ما سكنوها ﴿أَنْ﴾ يا أهل الجنةِ ﴿أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾ [أي: أَوْسِعُونَا مِنَ الماءِ] (١). ﴿أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾. أَيْ: أَطْعِمونا مما رزقكم الله من الطعام.

كما حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدى: ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾. قال: من الطعام (٢).

حدثني يونس، قال: أَخْبَرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾. قال: يَسْتَطْعِمونهم ويَسْتَسْقُونهم (٣).


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٩٠، ١٤٩١ (٨٥٣٤) من طريق أحمد بن المفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٠ إلى أبى الشيخ.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٤٩١ (٨٥٣٥) من طريق أصبغ، عن ابن زيد.