للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* ما في انجذاب سَيْرِه مِن أمْتِ *

يعنى: مِن وَهْنٍ وضَعْفٍ. فالواجبُ - إذ كان ذلك معنى الأمْتِ عِندَهم - أن يكون أصوبُ الأقوال في تأويله: ولا ارتفاع ولا انخفاض؛ لأن الانخفاض [لن يكون] (١) إلا عن ارتفاع. فإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ الكلام: لا تَرَى فيها ميلًا عن الاستواء، ولا ارتفاعًا ولا انخفاضًا، ولكنها مستويةٌ ملساء، كما قال جلّ ثناؤه: ﴿قَاعًا صَفْصَفًا﴾.

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (١٠٨)﴾.

يقول تعالى ذكره: يومَئِذٍ يَتَّبِعُ الناسُ صوت داعى الله الذي يَدْعُوهم إلى موقف القيامة، فيَحْشُرُهم إليه، ﴿لَا عِوَجَ لَهُ﴾. يقول: لا عِوَجَ لهم عنه ولا انحراف، ولكنَّهم سراعًا إليه يَنْحَشِرون. وقيل: لا عِوَجَ له. والمعنى: لا عِوَجَ لهم عنه؛ لأن معنى الكلام ما ذكرنا من أنه لا يعوجون له ولا عنه، ولكنَّهم يَؤُمُّونه ويَأْتونه، كما يقال في الكلام: دعانى فلان دعوة لا عِوَجَ لي عنها. أي: لا أعْوج عنها.

وقوله: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾. يقول تعالى ذكره: وسَكَنت (٢) أصواتُ الخلائق للرحمنِ. فوصَفَ الأصوات بالخشوع، والمعنى لأهْلِها أنهم خُضَّعٌ جميعهم لربِّهم، فلا تَسْمَعُ لناطقٍ منهم مَنْطقًا إِلا مَن أَذِنَ له الرحمنُ.

كما حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن


(١) في ص، م، ت ١، ف: "لم يكن".
(٢) في الأصل: "سكتت".