للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهدٍ مثلَه.

قال: ثنا الحسينُ (١)، قال: ثنا هاشمُ بنُ القاسمِ المُزَنيُّ، عن قَتادةَ، قال: قال رجلٌ مِن المهاجرين: لقد طلَبتُ عمرى كلَّه هذه الآيةَ فما أدركتُها؛ أن أستأذِنَ على بعضِ إخوانى، فيقولَ لى: ارجِعْ. فأَرجِعُ وأنا مُغْتَبِطٌ؛ لقولِه: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾ (٢).

وهذا القولُ الذي قاله مجاهدٌ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا﴾. بمعنى: إن لم يكنْ لكم فيها مَتاعٌ - قولٌ بعيدٌ مِن مفهومِ كلامِ العربِ؛ لأن العربَ لا تكادُ تقولُ: ليس بمكانِ كذا أحدٌ. إلا وهى تَعنى: ليس بها أحدٌ مِن بنى آدَمَ. وأما الأمتعةُ وسائرُ الأشياءِ غيرُ بنى آدمَ، ومن كان سبيلُه سبيلَهم، فلا تقولُ ذلك فيها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٢٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ليس عليكم أيها الناسُ إثمٌ وحرَجٌ أن تَدخلوا بيوتًا لا ساكنَ بها، بغيرِ استئْذانٍ.

ثم اختلَفوا في ذلك أيَّ البيوتِ عنَى؛ فقال بعضُهم: عنَى بها الخاناتِ والبيوتَ المبنيةَ بالطرُقِ التي ليس بها (٣) سكانٌ معروفون، وإنما بُنِيت لمارَّةِ الطريقِ والسابلةِ (٤) ليأوُوا إليها ويُؤْوُوا إليها أمتِعتَهم.


(١) سقط من: ت ١، ف، وفى ص، م، ت ٢، ت ٣: "الحسن". وتقدم مرارًا.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٤٢.
(٣) في ص، ت ٢، ف: "لها".
(٤) في ت ١، ف: "السائلة"، وفى ت ٢: "العائلة".