عَزَمُوا الطَّلَاقَ﴾ - ﴿فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. ومعلومٌ أن انقضاءَ الأشهرِ الأربعةِ غيرُ مسموعٍ، وإنما هو معلومٌ، فلو كان عَزْمُ الطلاقِ انقضاءَ الأشهرِ الأربعةِ، لَمْ تَكُنِ الآيةُ مختومةً بذكرِ اللهِ الخبرَ عن اللهِ تعالى ذكرُه أنه سميعٌ عليمٌ، كما أنه لَمْ يَخْتِمِ الآيةَ التي ذكَر فيها الفَيْءَ إلى طاعتِه - في مراجعةِ المُؤْلِى زوجتَه التي آلَى منها وأداءِ حقِّها إليها - بذكرِ الخبرِ عن أنه شديدُ العقابِ، إذ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ وعيدٍ على معصيةٍ، ولكنه ختَم ذلك بذكرِ الخبرِ عن وصفِه نفسَه، تعالى ذكرُه، بأنه غفورٌ رحيمٌ، إذ كان موضعَ وَعْدِ المنيبِ على إنابتِه إلى طاعتِه، فكذلك ختَم الآيةَ التي فيها ذِكْرُ القولِ والكلامِ بصفةِ نفسِه؛ بأنه للكلامِ سميعٌ وبالفعلِ عليمٌ، فقال تعالى ذكرُه: وإن عزَم المُؤْلُون على نسائِهم على طلاقِ من آلَوا منه مِن نسائِهم، فإن اللهَ سميعٌ لطلاقِهم إيَّاهن إن طلَّقُوهنَّ، عليمٌ بما أتَوا إليهنَّ مما يَحِلُّ لهم ويَحْرُمُ عليهم.
وقد استَقْصَيْنَا البيانَ عن الدَّلالةِ على صحةِ هذا القولِ في كتابِنا "كتابِ اللطيفِ مِن البيانِ عن أحكامِ شرائِعِ الدينِ" فكرِهنا إعادتَه في هذا الموضعِ.
القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾.
يعني تعالى ذكرُه: والمطلقاتُ اللواتي طُلِّقْن بعدَ ابْتِناءِ أزواجِهن بهنَّ وإفضائِهم إليهن، إذا كُنَّ ذواتِ حيضٍ وطُهْرٍ، يَتَرَبَّصْنَ بأنفسِهن عن نكاحِ الأزواجِ ثلاثةَ قُرُوءٍ.
واختلَف أهل التأويل في تأويلِ القُرْءِ الذي عَناه اللهُ بقولِه: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾، فقال بعضُهم: هو الحَيْضُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي