قال أبو جعفرٍ: وهذا قضاءٌ من الله جلَّ ثناؤه للإسلام وأهلِه بالفضلِ على سائرِ المللِ غيره وأهلِها، يَقُولُ الله جل وعز: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا﴾ أَيُّهَا النَّاسُ، وأصوبُ طريقًا، وأهدى سبيلًا، ﴿مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ يَقُولُ: ممن اسْتَسْلَم وجهه للهِ، فانْقَاد له بالطاعةِ، مصدِّقًا نبيَّه محمدًا ﷺ فيما جاء به من عندِ ربِّه، ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ يَعْنى: وهو عاملٌ بما أمَره به ربُّه، محرِّمٌ حرامَه، ومحلِّلٌ حلالَه، ﴿وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ يَعْنى بذلك: واتَّبَع الدينَ الذي كان عليه إبراهيمُ خليلُ الرحمن، وأمَر به بنيه مِن بعدِه وأوصاهم به، ﴿حَنِيفًا﴾ يَعْنى: مستقيمًا على منهاجِه وسبيلِه.
وقد بيَّنا اختلافَ المختلفين فيما مضَى قبلُ في معنى "الحنيف"، والدليلَ على الصحيح من القول في ذلك بما أغْنَى عن إعادته (١).
وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل. وممن قال ذلك أيضًا الضحاكُ؛
حدَّثني يحيى بنُ أبي طالبٍ، قال: أخبَرَنا يزيدُ، قال: أخبَرنا جُوَيبرٌ، عن الضحاكِ، قال: فضَّل الله الإسلامَ على كلِّ دينٍ، فقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾. إلى قوله: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ وليس