للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلٌّ فتًى ستَشْعَبُه شَعُوبٌ (١) … وإن أَثْرَى وإن لاقَى فَلاحَا

أي: نجاحًا بحاجتهِ وبقاءً.

القولُ في تأويلِ قولِه جَلَّ ثناؤُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في مَن عُنِي بهذه الآيةِ، وفي مَن نزَلت؛ فكان ابنُ عباسٍ يقولُ كما حدَّثنا به محمدُ بنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ بنُ الفَضْلِ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبي محمدٍ مَوْلَى زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. أَىْ: بما أُنْزِل إليك مِن ربِّك، وإنْ قالوا: إنَّا قد آمنَّا بما (٢) جاءَنا مِن قَبْلِك (٣).

فكان ابنُ عباسٍ يَرى أنَّ هذه الآيةَ نزَلت في اليهودِ الذين كانوا بنواحِي المدينةِ على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ ﷺ؛ توبيخًا لهم في جُحودِهم نبوَّةَ محمدٍ ﷺ، وتكذيبِهم به، مع علمِهم به ومعرفتِهم بأنه رسولُ اللَّهِ إليهم وإلى الناسِ كافَّةً.

وقد حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبي محمدٍ مَوْلَى زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، أنَّ صدرَ سورةِ البقرةِ إلى المائةِ منها نزَل في رجالٍ سمَّاهم بأعيانِهم وأنسابِهم مِن أحبارِ يهودَ، ومِن المنافقين مِن الأوسِ والخَزْرَجِ (٤) كرِهنا تطويلَ الكتابِ بذكرِ أسمائِهم.


(١) الشعوب: المنية. القاموس المحيط (ش ع ب).
(٢) بعده في م: "قد".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٠ (٩٢) من طريق سلمة به.
(٤) سيرة ابن هشام ١/ ٥٣٠، ٥٣١. وسيأتي تمامه في ص ٢٧٢، ٢٧٥.