للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رُوِي عن ابنِ عباسٍ في تأويلِ ذلك قولٌ آخَرُ، وهو ما حدَّثني به المُثَنَّى بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، [قال: حدَّثني معاويةُ بنُ صالحٍ] (١)، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. قال: كان رسولُ اللَّهِ يَحْرِصُ على أنْ يؤمنَ جميعُ الناسِ ويتابعوه على الهُدَى، فأخْبَره اللَّهُ جَلَّ ثناؤُه أنَّه لا يؤمنُ إلَّا مَن سبَق له مِن اللَّهِ السعادةُ في الذِّكْرِ الأولِ، ولا يَضِلُّ إلَّا مَن سَبق له مِن اللَّهِ الشقاءُ في الذِّكْرِ الأولِ (٢).

وقال آخرون بما حُدِّثتُ به عن عمَّارِ بنِ الحسنِ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ بنِ أنسٍ، قال: آيتان في قادةِ الأحزابِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ إلى قولِه: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ قال: وهم الذين ذكَرهم اللَّهُ في هذه الآيةِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ [إبراهيم: ٢٨، ٢٩]. قال: فهم الذين قُتِلُوا يومَ بدرٍ (٣).

وأَوْلَى هذه التأويلاتِ بالآيةِ تأويلُ ابنِ عباسٍ الذي ذكَره محمدُ بنُ أبي محمدٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عنه، وإن كان لكلِّ قولٍ مما قاله الذين


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٨٤، ١٣٧١، ١٣٨٥ (٧٢٥٠، ٧٧٨٥، ٧٨٧٥)، والطبراني في الكبير (١٣٠٢٥)، والبيهقي في الأسماء والصفات (١٣٩) من طريق عبد اللَّه بن صالح به. وعند البيهقي مطولا بذكر آيات أخر.
(٣) سيأتي تمامه في ص ٢٧٧ من طريق آخر عن ابن أبي جعفر به. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٠ (٩٣) من طريق أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية. وكذلك ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٧٠ عن أبي جعفر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٩ إلى ابن المنذر عن أبي العالية مطولا.