للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهَب. ﴿وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ﴾. يقولُ: وفيما نُسِخَ فيها؛ أي كُتِبَ فيها (١) ﴿هُدًى﴾: بيانٌ للحقِّ، ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾. يقولُ: للذين يخافون اللَّهَ، ويخشَون عقابَه على معاصِيه.

واختلَف أهلُ العربيِة في وجهِ دخولِ اللامِ (٢) في قولِه: ﴿لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ مع اسْتِقْبَاحِ العربِ أن يقالَ في الكلامِ: رَهِبتُ لك. بمعنى: رَهِبتُك، وأَكرمتُ لك. بمعنى: أكرمتُك؛ فقال بعضُهم: ذلك كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف: ٤٣]. أوصَلَ الفعلَ باللامِ.

وقال بعضُهم: مِن أجلِ ربِّهم يرهَبون.

وقال بعضُهم: إنما أُدخِلَت عقيبَ الإضافةِ: الذين هم راهبون لربِّهم، وراهبو ربِّهم. ثم أُدخِلت اللامُ على هذا المعنى؛ لأنَّها عقيبَ الإضافةِ لا على التكلُّفِ (٣).

وقال بعضُهم: إنما فُعِل ذلك لأنَّ الاسمَ تقدَّم الفعلَ، فحَسُنَ إدخالُ اللامِ.

[قال: و] (٤) قد جاء مثلُه في تأخيرِ الاسمِ في قولِه: ﴿رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢)[النمل: ٧٢].

وذُكِر عن عيسى بن عمرَ أنه قال: سمِعتُ الفرزدقَ يقولُ: نقَدتُ له مائةَ دِرْهمٍ. يريدُ: نقَدْتُه مائةَ درهمٍ (٥). قال: والكلامُ واسعٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾.


(١) في م، س: "منها"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "ففيها".
(٢) في ف: "الكلام"، وكتب في حاشيتها: "لعلها اللام".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "التكليف"، وفى م: "التعليق".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "وقال آخرون".
(٥) ينظر معاني القرآن ١/ ٢٣٣، واللسان (ن ق د).