للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: واختَار موسى مِن قومِه سبعين رجلًا للوقتِ والأجلِ الذي كان اللَّهُ وعَده أن يلقاه فيه بهم؛ للتوبةِ إليه مما كان مِن فعلِ سُفَهائِهم في أمرِ العجلِ.

كما حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال: إن اللَّهَ أمَر موسى أن يأتِيَه في ناسٍ مِن بنى إسرائيلَ يعتذِرون إليه مِن عبادةِ العجلِ، ووعَدهم موعِدًا، فاختار موسى قومَه سبعين رجلًا على عينِه، ثم ذهَب بهم ليعتذِرُوا، فلما أَتَوا ذلك المكانَ، قالوا: لن نؤمنَ لك يا موسى حتى نرى اللَّهَ جهرةً، فإنك قد كلَّمتَه فأَرِناه. فأخَذَتْهم الصاعقةُ فماتوا، فقام موسى يبكى ويدعو اللَّهَ ويقولُ: ربِّ ماذا أقولُ لبنى إسرائيلَ إذا أتيتُهم وقد أهلكتَ خيارَهم؟ ربِّ (١) لو شئتَ أهلكتَهم مِن قبلُ وإيَّاى (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: اختار موسى مِن بنى إسرائيلَ سبعين رجلًا؛ الخيِّرَ فالخيِّرَ، وقال: انطلِقوا إلى اللَّهِ فتوبوا إليه مما صنَعْتم، وسَلُوه التوبةَ على مَن تَرَكْتُم وراءَكم مِن قومِكم، صوموا وتطَهَّروا، وطهِّروا ثيابَكم. فخرَج بهم إلى طورِ سَيْناءَ لميقاتٍ وقَّتَه له ربُّه، وكان لا يأتيه إلا بإذنٍ منه وعِلْمٍ، فقال له السبعون - فيما ذُكِر لى - حينَ صنَعوا ما أمَرهم به، وخرَجوا معه للقاءِ ربِّه: يا موسى اطلُبْ لنا نسمعْ كلامَ ربِّنا. فقال: أفعلُ. فلما دنا موسى مِن الجبلِ، وقَع عليه عمودُ الغَمامِ حتى تغشَّى الجبلَ كلَّه، ودنا موسى فدخَل فيه، وقال للقومِ: ادنوا - وكان موسى إذا كلَّمَه اللَّهُ وقَع على جبهتِه نورٌ ساطعٌ، لا يستطيعُ أحدٌ مِن بنى آدمَ أن ينظُرَ إليه - فضُرِب دونَه بالحجابِ، ودنا القومُ حتى إذا دخَلوا في


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) تقدم في ١/ ٦٩٥، ٦٩٦.