للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾. يعنى: ما كانوا يأخُذون من الرِّشَا على الحُكْمِ، كما وصَفهم اللهُ به في قولِه: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٦٢]. وكان من أكلِهم أموالَ الناسِ بالباطلِ ما كانوا يأخُذون من أثمانِ الكتبِ التي كانوا يكتُبونها بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عندِ اللهِ. وما أَشْبَهَ ذلك من المآكلِ الخسيسةِ (١) الخبيثةِ. فعاقبَهم اللهُ على جميعِ ذلك بتحريمِه ما حرَّم عليهم من الطيباتِ التي كانت لهم حلالًا قبلَ ذلك. وإنما وصَفهم اللهُ بأنهم أكَلوا ما أكَلوا من أموالِ الناسِ كذلك بالباطلِ؛ لأنهم (٢) أكَلوه بغيرِ استحقاقٍ، وأخَذوا أموالَهم منهم بغيرِ استيجابٍ (٣).

وقولُه جل ثناؤُه: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. يعنى: وجَعَلنا للكافرين باللهِ ورسولِه محمدٍ من هؤلاء اليهود العذابَ الأليمَ، وهو المُوجِعُ من عذابِ جهنمَ، عُدَّةً (٤) يصلَوْنها في الآخرةِ، إذا ورَدوا على ربِّهم، فيعاقبُهم بها.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (١٦٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ، : وهذا من اللهِ جلَّ ثناؤُه استثناءٌ، اسْتَثنى من أهلِ الكتابِ من اليهودِ الذين وصَف صفتَهم في هذه الآياتِ التي مضَت من قولِه: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في م: "بأنهم".
(٣) في الأصل: "استحباب".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عنده".