للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾: هذا للذين تكلَّموا (١) فنشروا ذلك الكلامَ، ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (٢).

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)﴾.

يقول تعالى ذكره: لمسَّكم فيما أَفَضْتُم فيه من شأنِ عائشةَ عذابٌ عظيمٌ حينَ تلقَّونه بألسنتِكم.

و ﴿إِذْ﴾ مِن صلةِ قولِه: ﴿لَمَسَّكُمْ﴾.

ويعنى بقولِه: ﴿تَلَقَّوْنَهُ﴾: تتلقَّوْن الإفكَ الذي جاءت به العصبةُ مِن أهلِ الإفكِ، فتقبلونه، ويرويه (٣) بعضُكم عن بعضٍ.

يقالُ: تلقَّيتُ هذا الكلامَ عن فلانٍ. بمعنى: أخذتُه مِنه. وقيل ذلك لأنَّ الرجلَ منهم فيما ذُكِر يَلْقى آخرَ، فيقولُ: أَوَمَا بلغَك كذا وكذا عن عائشةَ؟ ليُشِيعَ عليها بذلك الفاحشةَ.

وذُكِر أنها في قراءةِ أُبيٍّ: (إذ تتلقَّوْنَهُ) بتاءين (٤)، وعليها قَرَأَةُ الأمصارِ، غيرَ أنهم قرءُوها: ﴿تَلَقَّوْنَهُ﴾ بتاءٍ واحدةٍ؛ لأنها كذلك في مصاحفِهم.

وقد رُوِى عن عائشةَ في ذلك ما حدَّثني به محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بن عبدِ الحكَمِ، قال: ثنا خالدُ بنُ نِزارٍ، عن نافعٍ، عن ابن أبي مُلَيْكَةَ، عن عائشةَ زوجِ النبيِّ أنها كانت تقرأُ هذه الآيةَ: (إذْ تَلِقُونَهُ). تقولُ: إنما هو وَلْقُ الكذبِ.


(١) في ت ٢: "علموا"، وبعده في ص: "سمعوا"، وبعده في ت ١: "استمعوا".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٤٨ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.
(٣) في ص، ت ١، ف: "ترونه" وفى ت ٢: "تردونه".
(٤) مختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٠٢، والبحر المحيط ٦/ ٤٣٨.