للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا، ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾. يقولُ: فهل إلى خروجٍ مِن النارِ لنا سبيلٌ؛ لنَرْجِعَ إلى الدنيا، فنَعْمَلَ غير الذي كنا نَعْمَلُ فيها؟

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾: فهل إلى كَرَّةٍ إلى الدنيا؟ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)﴾.

وفي هذا الكلامِ متروكٌ، اسْتُغْنِى بدلالةِ الظاهرِ من ذكرِه عليه، وهو: فأُجِيبوا ألَّا سبيلَ إلى ذلك، هذا الذي لكم من العذابِ أيُّها الكافرون؛ ﴿بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ﴾، فأَنْكَرْتُم أن تكونَ الأُلوهةُ له خالصةً، وقلتُم: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥].

﴿وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾. يقولُ: وإِن يُجْعَلْ للهِ شَرِيكٌ تُصَدِّقُوا مَن جَعَل ذلك له، ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾. يقولُ: فالقضاءُ للهِ العليِّ على كلِّ شيءٍ، الكبير الذي كلُّ شيءٍ دونَه مُتَصاغرٌ (٢) له اليومَ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: الذي يُريكم أيُّها الناسُ حُجَجَه وأدِلَّته على وَحْدانيَّتِه ورُبوبِيَّتِه، ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا﴾. يقولُ: يُنَزِّلُ لكم مِن أرزاقِكم مِن


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في ص، م، ت ١: "متصاغرا".