للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا﴾. أي: أَعْلامًا، وقولُه: ﴿سُبُلًا﴾. أي: طُرُقًا، وهى جمعُ السَّبيلِ (١).

وكان ابن عباسٍ فيما ذُكِر عنه يقولُ: إنما عنَى بقولِه: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا﴾: وجعلنا في الرَّواسِي، فالهاءُ والألفُ في قولِه: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا﴾ من ذِكْرِ الرَّواسي.

حدَّثنا بذلك القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: قال ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا﴾. قال: بينَ الجبال (٢).

وإنما اخْتَرنا القولَ الآخر في ذلك، وجعَلنا الهاءَ والألفَ من ذِكْرِ "الأرضِ"؛ لأنَّها إذا كانت من ذِكْرِها دخَل في ذلك السهلُ والجبلُ، وذلك أن ذلك كلَّه من الأرضِ، وقد جعَل اللهُ لخلْقِه في ذلك كلِّه فجاجا سُبُلًا، ولا دلالةَ تدلُّ على أنَّه عنَى بذلك فِجاجَ بعضِ الأرضِ التي جعَلها لهم سُبُلًا دونَ بعضٍ، فالعمومُ بها أَوْلَى.

وقولُه: ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكره: جعَلْنا هذه الفجاجَ في الأرضِ ليَهْتَدوا إلى السيرِ فيها.

القولَ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣١٨ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣١٨ إلى المصنف وابن المنذر.