للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى: وفيها الحبُّ ذو العَصْفِ، وفيها الريحانُ أيضًا. وقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ الكوفيين: (والريحانِ) بالخفضِ (١)، عطفًا به على العَصْفِ، بمعنى: والحبُّ ذو العصفِ وذو الريحانِ.

وأولى القراءتين في ذلك بالصوابِ (٢) قراءةُ مَن قرَأَه بالخفضِ؛ للعلةِ التي بيَّنتُ في تأويلِه، وأنه بمعنى الرزقِ. وأما الذين قرءوه رفعًا، فإنهم وجَّهوا تأويلَه فيما أرَى إلى أنه الريحانُ الذي يُشَمُّ، فلذلك اخْتاروا الرفعَ فيه، وكونُه خفضًا بمعنى: وفيها الحبُّ ذو الورقِ والتبنِ، وذو الرزقِ المطعومِ - أولى وأحسنُ لما قد بيَّناه قبلُ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾: فبأىِّ نِعَمِ ربِّكما معشرَ الجنِّ والإنسِ من هذه النعمِ تُكَذِّبان؟

كما حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سهلٌ السَّرّاجُ، عن الحسنِ: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. قال: فبأيِّ نعمةِ ربِّكما تُكذِّبان (٣)؟

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. قال: لا بأيَّتِها يا ربِّ.


(١) وبها قرأ حمزة والكسائي وخلف، ولم يذكر المصنف قراءة ابن عامر: (والحبَّ ذا العصفِ والريحانَ). بنصب الثلاثة. النشر ٢/ ٢٨٤.
(٢) القراءات الثلاثة متواترة.
(٣) ذكره الحافظ في التغليق ٤/ ٣٣١ عن المصنف.