للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: ﴿وَالرَّيْحَانُ﴾: ما قام على ساقٍ (١).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: عُنِي به الرزقُ، وهو الحَبُّ الذي يُؤكلُ منه.

وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوالِ بالصوابِ؛ لأن اللَّهَ جلَّ ثناؤُه أخبَر عن الحَبِّ أنَّه ذو (٢) العَصْفِ، وذلك ما وصَفْنا من الورقِ الحادثِ منه والتِّبنِ إذا يَبِس، فالذي هو أولى بالريحانِ أن يكونَ حبَّه الحادثَ (٣) منه؛ إذ كان من جنس الشيءِ الذي منه العَصْفُ، ومسموعٌ من العربِ تقولُ: خرَجْنا نطلبُ رَيْحَانَ اللَّهِ ورزقَه. ويقالُ: سبحانَك وريحانَك. أي: ورزقَك. ومنه قولُ النمِرِ بنِ تَوْلبٍ (٤):

سَلامُ الإلهِ وَرَيْحانُهُ … وجَنَّتُهُ (٥) وسَماءٌ دِرَرْ

وذُكِر عن بعضِهم أنه كان يقولُ: العصفُ: المأكولُ من الحبِّ، والريحانُ: الصحيحُ الذي [لم يُؤكَلْ] (٦).

واختَلَفتِ القَرأةُ في قراءةِ قوله: ﴿وَالرَّيْحَانُ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ المكِّيين وبعضُ الكوفيين بالرفعِ (٧)، عطفًا به على "الحبِّ"،


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ١٥٧.
(٢) في الأصل: "هو".
(٣) في م: "الحارث".
(٤) ديوانه ص ٥٥.
(٥) في الديوان: "رحمته".
(٦) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يؤكل". وينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ١١٤.
(٧) وبها قرأ نافع وابن كثير وعاصم وأبو عمرو وأبي جعفر ويعقوب. ينظر النشر ٢/ ٢٨٤.