للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾: [مَنٌّ مِنَ اللهِ] (١) عظيمٌ (٢)، مِن غَيرِ دَعْوةٍ ولا رغبةٍ من هذه الأمةِ، جعَله اللهُ ﷿ رحمةً لهم؛ ليُخْرِجَهم مِن الظلماتِ إلى النورِ، ويَهْدِيَهُم إلى صراطٍ مستقيمٍ، قولُه: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾: الحكمةُ السنةُ، ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾: ليس واللهِ كما تَقولُ أهلُ حَرُوراءَ (٣): محنةٌ غالبةٌ، مَن أَخْطَأها أُهرِيق دمُه. ولكنَّ الله بعَث نبيَّه إلى قومٍ لا يَعْلَمون فعلَّمهم، وإلى قومٍ لا أدبَ لهم فأدَّبَهم (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ إلى قولِه: ﴿لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾: أي: لقد منَّ اللهُ عليكم يا أهلَ الإيمانِ، إذ بعَث فيكم رسولًا مِن أنفسِكم، يَتْلُو عليكم آياتِه، ويُزَكِّيكم فيما أحدثتم (٥)، وفيما عمِلْتُم، ويُعَلِّمُكم الخيرَ والشرَّ، لتَعْرِفوا الخيرَ فتَعْمَلوا به، والشرَّ فتَتَّقُوه، ويُخْبِرُكم برضاه عنكم إذا أطَعْتُموه؛ لتَسْتَكْثِروا مِن طاعتِه، وتتجنَبوا ما سخِط منكم مِن معصيتِه، فتَتَخَلَّصوا بذلك مِن نِقْمتِه، وتُدْرِكوا بذلك ثوابَه مِن جنتِه، وإن كنتم مِن قبلُ ﴿لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ أي في عَمْياءَ من الجاهليةِ، لا تَعْرِفون


(١) في م، وتفسير ابن أبي حاتم: "منّ الله". وينظر الدر المنثور.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عليهم".
(٣) حروراء كجَلُولاء بالمد، وقد تقصر: قرية بالكوفة على ميلين منها، نزل بها جماعة خالفوا عليا من الخوارج. التاج (ح ر ر).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠٨، ٨٠٩، ٨١٠ (٤٤٦٣، ٤٤٧٣) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٥) في م، س: "أخذتم".