للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن الآثامِ، والأوْزارِ، واجْتَرَحْتُم (١) مِن معاصى اللهِ أيامَ حياتِكم، فذُوقوا اليومَ العذاب، وفى مَعادِكم عذابَ الحريق، وذلك لكم بأن اللَّهَ ﴿لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾: لا يُعاقِبُ أحدًا مِن خلقه إلا بجُرْمٍ اجْتَرَمه، ولا يُعَذِّبُه إِلا بمعصيتِه إياه؛ لأن الظلمَ لا يَجوزُ أن يكونَ منه.

وفى فتحِ "أن" مِن قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾، وجهان مِن الإعرابِ؛ أحدُهما: النصبُ، وهو للعطفِ (٢) على "ما" التي في قولِه: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ﴾ بمعنى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ و بـ ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ في قولِ بعضِهم، والخفضُ في قولِ بعضٍ.

والآخرُ: الرفعُ على: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ وذلك أن الله (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٥٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فعَل هؤلاء المشركون مِن قريشٍ الذين قُتِلوا ببدرٍ كعادةِ قومِ فرعوَن وصَنيعهم وفعلِهم، وفعل مِن كذَّب بحُجَجِ اللهِ ورسلهِ مِن الأمم الخاليةِ قبلَهم، ففعَلْنا (٤). بهم كفعلِنا بأولئك.

وقد بيَّنا فيما مضَى أن الدَّأْبَ هو الشأنُ والعادةُ، بما أَغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٥).


(١) في ص، ف: "اخترتم". واجترح الشيء: كسبه. ينظر اللسان (ج رح).
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "العطف".
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٤١٣.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س: "فعلنا".
(٥) تقدم في ٥/ ٢٣٧.