للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البَخْتَرِيِّ، عن حُذَيْفَةَ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مَّن دُونِ اللَّهِ﴾. قال: لم يَعْبُدُوهم، ولكنهم أطاعوهم في المعاصى (١).

وأما قوله: ﴿وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾. فإن معناه: اتَّخَذُوا أحبارهم ورُهبانهم والمسيح ابن مريمَ أربابًا مِن دونِ اللهِ.

وأما قوله: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾. فإنه يعنى به: وما أُمر هؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا الأحبار والرهبان والمسيح أربابا، ليس (٢) إلا أن يَعْبُدُوا مَعْبُودًا واحدًا، وأن يُطيعوا إلا ربًا واحدًا، دونَ أرباب شَتَّى، هُو الله الذي له عبادة كلِّ شيءٍ، وطاعةُ كلِّ خَلْقٍ، المُسْتَحِقُّ على جميع خلقه الدَّيْنونة له بالوحدانية والربوبية، ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾. يقول تعالى ذكره: لا تَبْغى الألوهة إلا للواحدِ الذي أُمِرَ الخلق بعبادته، ولَزِمَت جميع العبادِ طاعته، ﴿سُبْحَانَه عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. يقولُ: تَنْزيها وتَطْهِيرًا للهِ عما يُشْرَكُ في طاعتِه وربوبيَّتِه القائلون: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾. والقائلون: ﴿الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾. المُتَّخِذون أحبارهم [ورهبانهم] (٣) أربابًا مِن دونِ اللهِ.

القول في تأويل قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢)﴾.

يقول تعالى ذكره: يريدُ هؤلاء المُتَّخذون أخبارهم ورُهْبانَهم والمسيحَ ابْنَ مريم أربابًا ﴿أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾. يعنى: أنهم يحاولون بتكذيبهم بدينِ


(١) أخرجه البيهقي في الشعب (٩٣٩٤) من طريق سفيان به وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣١ إلى أبي الشيخ.
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: ص، م، ت ٢.