للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعْلَمُونَ﴾ يَعْنى بذلك واللهُ أعلمُ: إنكم لتَعْجَبون مِن أمرٍ (١) وتَسْتَفْظِعونه، وأنا أعلمُ أنه في بعضِكم، وتصِفون أنفسَكم بصفةٍ أعلمُ خلافَها مِن بعضِكم، وتُعَرِّضون بأمرٍ قد جعَلْتُه لغيرِكم. وذلك أن الملائكةَ [قالت لربِّها] (٢) -لمّا أخبَرها ربُّها بما هو كائنٌ مِن ذريةِ خليفتِه من الفسادِ وسَفْكِ الدماءِ- قالت لربِّها: ربَّنا، أجاعلٌ أنت في الأرضِ خليفةً مِن غيرِنا، [يكونُ مِن ذريَّتِه] (٣) من يَعْصِيك أم منا، فإنا نعَظِّمُك ونصَلِّى لك ونُطِيعُك ولا نَعْصِيك؟ -ولم يكنْ عندَها علمٌ بما قد انطوى كَشْحًا عليه إبليسُ من استكبارِه على ربِّه- فقال لهم ربُّهم: إنِّى أعلمُ غيرَ الذى تقُولونَ من بعضِكم. وذلك هو ما كان مستورًا عنهم مِن أمرِ إبليسَ وانْطِوائِه على ما كان قد انْطَوَى عليه مِن الكِبْرِ، وعلى قِيلِهم ذلك، ووصْفِهم أنفسَهم بالعمومِ من الوصفِ، عُوتِبوا.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ﴾.

حدَّثنا محمدُ بنُ حُميْدٍ، قال: حدَّثنا يعقوبُ القُمِّىُّ، عن جعفرِ بنِ أبى المغيرةِ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: بعَث ربُّ العِزَّةِ تعالى ذِكْرُه إبليسَ (٤)، فأخَذ مِن أَديمِ الأرضِ مِن عذْبِها ومِلْحِها، فخلَق منه آدمَ، ومِن ثَمَّ سُمِّى آدمَ؛ لأنه خُلِق مِن أَديمِ الأرضِ (٥).


(١) في م: "أمر الله".
(٢) سقط من: ر، ت ١، ت ٢.
(٣) في الأصل: "تكون ذريته تعصيك واجعله".
(٤) في م: "ملك الموت".
(٥) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٩٠، ٩١، وفيه زيادة، وينظر تفسير عبد الرزاق ١/ ٤٣.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه ٧/ ٣٨٠ من طريق يعقوب القمى به نحوه.
وأخرجه البيهقى في الأسماء والصفات (٨١٦) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس=