للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾. قال: لولا دعاؤكم (١) إياه، لِتعبُدُوه وتُطِيعوه (٢).

وقولُه: ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لمشركى قريشٍ؛ قومِ رسولِ اللَّهِ : فقد كذَّبتم أيها القومُ رسولَكم الذي أُرسِل إليكم، وخالَفتم أمرَ ربِّكم الذي أمَر بالتمسكِ به، لو تمسَّكتم به كان يَعبَأُ بكم ربى، فسوف يكونُ تكذيبُكم رسولَ ربَّكم، وخلافُكم أمرَ بارئِكم - عذابًا لكم ملازِمًا؛ قتلًا بالسيوفِ، وهلاكًا لكم مُفْنِيًا يُلحِقُ بعضَكم بعضًا. كما قال أبو ذُؤَيبٍ الهُذَليُّ (٣):

ففاجَأَه بعاديةٍ لِزامٍ … كما يَتفجَّرُ الحوضُ اللقيفُ

يعنى باللزامِ الكثيرَ (٤) الذي يتبَعُ بعضُه بعضًا، وباللَّقيفِ: المتساقطَ الحجارةِ المتهدِّمَ. ففعَل اللَّهُ ذلك بهم، وصدَقهم وعدَه، وقتَلهم يومَ بدرٍ بأيدى أوليائِه، وألحق بعضَهم ببعضٍ، فكان ذلك العذابَ اللزامَ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، قال: أخبَرنى مولًى لشقيقِ بن ثورٍ، أنه سمِع سلمانَ أبا عبدِ اللَّهِ، قال: صلَّيتُ مع ابن


(١) في مصدرى التخريج: "دعاؤه".
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٠٨، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٤٥ من طريق ابن أبي نجيح به، وهو تمام الأثر قبله.
(٣) ديوان الهذليين ١/ ١٠٢ والرواية فيه:
فلم ير غير عادية لزامًا … كما يتهدم الحوض اللقيف
والرواية كما ذكرها المصنف في مجاز القرآن ٢/ ٨٢.
(٤) في م: "الكبير".