للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأويلُ الكلامٍ: يومَ تَجِدُ كلُّ نفسٍ الذي عمِلت من خيرٍ مُحضرًا، والذي عمِلت مِن سُوءٍ تَوَدُّ لو أن بينَها وبينَه أمدًا.

والأمدُ (١) الغايةُ التي يُنْتَهَى إليها، ومنه قولُ الطِّرِمَّاح (٢):

كُلُّ حيٍّ مُسْتَكْمِلٌ عِدَّةَ العُمْـ … ــرِ ومُودٍ (٣) إِذا انْقَضَى أَمَدُهُ (٤)

يعنى: غايةُ أجلِه.

وقد حدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ قولَه: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾: مكانًا بعيدًا (٥).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ: ﴿أَمَدًا بَعِيدًا﴾. قال: أجلًا (٦).

حدَّثني محمدُ بنُ سِنانٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الحنفيُّ، قال: ثنا عبَّادُ بنُ منصورٍ، عن الحسن في قوله: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾. قال: يَسُرُّ أحدهم ألا يَلْقَى عمله ذاك أبدًا، يكون ذلك مُناه، وأما في الدنيا فقد كانت خطيئتُه يَسْتَلِذُّها (٧).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: ويُحَذِّرُكم الله نفسَه أن تُسْخِطُوها عليكم برُكوبِكم ما


(١) في ص: "فإن".
(٢) ديوانه ص ١٩٧.
(٣) مود: هالك.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أجله"، وفى الديوان: "عدده".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٣٢ (٣٣٩) من طريق عمرو به.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٧ إلى المصنف.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٣١ (٣٣٩٤) من طريق أبى بكر الحنفى به.