للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ (١) لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: لم يكنْ لمؤمنٍ باللهِ ورسولهِ ولا مؤمنةٍ، إذا قضَى اللَّهُ ورسولُه في أنفسِهم قضاءً - أن يَتَخيَّروا مِن أمرِهم غيرَ الذي قضَى فيهم، ويُخالفوا أمرَ اللهِ وأمرَ رسولِه وقضاءَهما، فيعْصُوهما، ومَن يَعْصِ الله ورسولَه فيما أمرا أو نَهَيا ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾. يقولُ: فقدْ جار عن قصدِ السبيلِ، وسلَك غيرَ سبيلِ الهدَى والرَّشادِ.

وذُكر أن هذه الآيةَ نزَلت في زينبَ بنتِ جَحْشٍ حينَ خطَبها رسولُ الله على فتاه زيدِ بن حارثةَ، فامتنَعت مِن إنكاحِه نفسَها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا﴾ إلى آخرِ الآيةِ، وذلك أنَّ رسولُ اللهِ انطَلَق يَخطُبُ على فتَاه زيدِ بنِ حارثةَ، فدخَل على زينبَ بنتِ جحْشٍ الأسديَّة، فخطَبها، فقالت: لستُ بناكِحَتِه، فقال رسولُ اللهِ : "فانْكِحِيه". فقالت: يا رسولَ اللَّهِ أُوَّامَرُ في نفسى؟ فبينَما هما يَتَحدَّثان أنزَل الله هذه الآيةَ على رسوله : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ﴾ إلى قوله: ﴿ضَلَالًا مُبِينًا﴾. قالت: قد رَضِيته لى يا رسولُ اللهِ مَنْكَحًا؟ قال: "نعم".


= (الميمنية)، والطبراني ٢٣/ ٢٩٨ (٦٦٥) من طريق عبد الواحد، عن عثمان، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٠٠ إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(١) في ت ١، ت ٢: "تكون". وهى قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي عمرو، وقرأها بالياء عاصم وحمزة والكسائي. ينظر السبعة ص ٥٢٢، وحجة القراءات ص ٥٧٨.