للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن خالدٍ الحذاءِ، قال: قلتُ لعبدِ الرحمنِ بن أبي بَكْرةَ: قولُ اللهِ: ﴿نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ﴾؟ قال: (يُسارِعُ (١) لهم في الخيراتِ) (٢).

وكأن عبدَ الرحمنِ بنَ أبي بكرةَ وجَّه قراءتَه ذلك كذا (٣)، إلى أن تأويلَه: يسارِعُ لهم إمدادُنا إياهم بالمالِ والبنينَ في الخيراتِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (٥٩)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾: إِنّ الذين هم من خشيتِهم وخَوفِهم من عذابِ اللهِ مشفقون، فهم من خشيتِهم من ذلك دائبونَ فى طاعتِه، جادُّونَ في طلبِ مرضاتِه.

﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ: والذين هم بآياتِ كتابِه وحُجَجِه مُصدِّقون،

﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ﴾. يقولُ: والذين يُخلِصون لربِّهم عبادتَهم، فلا يجعلون له فيها لغيرِه شركًا، لا لوثَنٍ ولا لصنمٍ، ولا يُراءون بها أحدًا من خلْقِه، ولكنهم يَجعلون أعمالَهم لوجهِه خالصًا، وإياه يَقصِدون بالطاعةِ والعبادةِ دونَ كلِّ شيءٍ سواه.

القول في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا﴾: والذين يُعطُون أهلَ


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "نسارع"، وغير منقوطة فى ص، وقراءة عبد الرحمن والسلمي بالياء، كما في البحر المحيط ٦/ ٤١٠.
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ١١ إلى المصنف، وفيه أن قراءته: (نسارع لهم بالخيرات).
(٣) في م: "كذلك".