للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لهؤلاءِ المكذِّبين بالبعثِ يومَ يُبْعثون: هذا يومُ الفصلِ الذي يَفْصِلُ اللهُ فيه بالحقِّ بينَ عبادِه، ﴿جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ: جمَعْناكم فيه لموعدِكم الذي كنا نَعِدُكم في الدنيا الجمعَ فيه بينَكم وبينَ سائرِ مَن كان قبلَكم من الأممِ الهالكةِ، فقد وفَّيْنا لكم بذلك،

﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾. يقولُ: واللهُ مُنْجِرٌ لكم ما وعَدكم في الدنيا من العقابِ على تكذيبِكم إيَّاه، بأنكم مَبْعوثون لهذا اليومِ، إن كانت لكم حيلةٌ تَحْتالونها في التخلُّصِ مِن عقابِه اليومَ فاحتالوا.

وقولُه: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. يقولُ: ويلٌ يومئذٍ للمكذِّبين بهذا الخبرِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إِنَّ الذين اتقَوا عقابَ اللهِ، بأداءِ فرائضِه في الدنيا واجتنابِ معاصِيه، في ظلالٍ ظليلةٍ، وكِنٍّ كَنِينٍ، لا يُصِيبُهم أذى حرٍّ ولا قرٍّ، إذ كان الكافرون باللهِ في ظلٍّ ذى ثلاثِ شُعَبٍ، لا ظليلٍ ولا يُغْنِى مِن اللَّهَبِ، ﴿وَعُيُونٍ﴾: أنهارٍ تجرى خلالَ أشجارِ جناتِهم،

﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾: يأْكُلون منها كلما اشْتَهوا، لا يخافون ضرَّها، ولا عاقبةً مكروهِها.

وقولُه: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يقالُ لهم: كُلُوا أَيُّها القومُ مِن هذه الفواكهِ، واشرَبوا من هذه العيونِ كلَّ ما اشْتَهيتم ﴿هَنِيئًا﴾. يقولُ: لا تَكْديرَ عليكم ولا تَنْغِيصَ فيما تَأْكُلونه وتشرَبون منه، ولكنَّه لكم دائمٌ لا يزولُ، ومَرِئٌ لا يُورِثُكم أذًى في أبدانِكم.