للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الله في أهل الإسلام دونَ أهل الحرب من المشركين؟

قيل: جاز أن يكون ذلك كذلك؛ لأن حُكم من حارب الله ورسولَه، وسعى في الأرض فسادًا من أهل ذمَّتِنا وملَّتِنا، واحدٌ، والذين عُنُوا بالآية كانوا أهلَ عَهْدِ وذمَّةٍ، وإن كان داخلًا في حكمها كلُّ ذمِّيٍّ وملِّيٍّ، وليسَ يَبْطُلُ بدُخُول من دخل في حكم الآية من الناس أن يكون صحيحًا نُزُولُها فِي مَن نَزَلَتْ فيه.

وقد اخْتَلَف أهل العلم في نَسْخِ حكم النبيِّ في العُرَنيِّين؛ فقال بعضُهم: ذلك حكمٌ منسوخٌ، نَسَخَه نَهْيُه عن المثلة بهذه الآية. أعنى بقوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾ الآية. وقالوا: أُنزِلَتْ هذه الآية عتابًا لرسول الله فيما فعل بالعُرَنيِّين.

وقال بعضُهم: بل فِعْلُ النبيِّ بالعُرنيِّين حُكمٌ ثابتٌ في نُظَرائهم أبدًا، لم يُنْسَخُ ولم يُبَدَّلْ. وقوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية. حُكمٌ من الله في من حارب وسعَى في الأرض فسادًا بالحرابة. قالوا: والعُرنيُّون ارتَدُّوا وقتلوا وسرقوا، وحاربوا الله ورسولَه، فحكمُهم غيرُ حكم المحارب الساعي في الأرضِ بالفسادِ مِن أهل الإسلام أو (١) الذمَّةِ.

وقال آخرون: لم يَسْمُلِ النبيُّ أَعْيُنَ العُرَنيِّين، ولكنَّه كان أراد أن يَسْمُلَ، فأنزل الله جلَّ وعزَّ هذه الآية على نبيِّه يُعرِّفه الحكم فيهم، ونهاه عن سَمْلِ أعينِهم.

ذِكْرُ القائلين ما وَصَفْنا

حدَّثني عليُّ بن سهلٍ، قال: ثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: ذاكَرْتُ الليث بن سعدٍ


(١) في م: "و".