للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتلوا الرُّعاةَ واسْتاقوا الإبلَ (١).

وأولى الأقوال في ذلك عِندِى أن يُقالَ: أَنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ على نبيِّه [مُعَرِّفَهُ (٢) حُكْمَه على من حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادًا، [بعد الذي] (٣) كان من فِعْلِ رسول الله ] (٤) بالعُرَنيِّين ما فَعَل.

وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك؛ لأن القصص التي قصَّها الله جلَّ وعزَّ قبل هذه الآية وبعدها، من قصص بني إسرائيل وأنبائهم، فأنْ يكونَ ذلك مُتَوَسطًا مِنْ تَعَرُّفِ الحكم فيهم وفي نُظَرائهم، أَوْلَى وأحقُّ.

وقلنا: كان نُزُولُ ذلك بعد الذي كان من فعل رسول الله بالعُرنيِّين ما فعل؛ لتظاهرِ الأخبار عن أصحاب رسول الله بذلك. وإذ كان ذلك أَوْلَى بالآية لِمَا وَصَفْنا، فتأويلُها: من أجل ذلك كَتَبْنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغيرِ نفسٍ، أو سعَى بفسادٍ في الأرضِ، فكأنما قتل الناس جميعًا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾. يقولُ: لساعون في الأرض بالفساد، وقاتلُو النفوس بغير نفسٍ وغيرِ سَعْيٍ في الأرضِ بالفسادِ، حربًا للهِ ولرسوله. فمَن فعَلَ ذلك منهم يا مُحمَّدُ، فإنما جزاؤه أن يُقتَّلوا، أو يُصَلَّبوا، أو تُقَطَّعَ أيديهم وأرجلُهم من خِلافٍ، أَو يُنْفَوْا مِن الأَرضِ.

فإن قال لنا قائلٌ: وكيف يجوزُ أن تكونَ الآيةُ نَزَلَتْ في الحال التي ذكرتَ مِن حالِ نَقْضِ كافرٍ من بنى إسرائيل عهده، ومن قولك: إن حكم هذه الآية حكمٌ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٨ إلى المصنف.
(٢) في م، ت ١، ت ٢: "معرفة".
(٣) في ص، ت ١: "عند بعض".
(٤) سقط من: س.