للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾. يقولُ: وما لهم مِن ناصرٍ يَنْصُرُهم مِن اللهِ إِذا أراد عقوبتهم، فيَحُولُ بينَ اللهِ وبينَ ما أراد مِن عقوبتِهم.

وفي قولِه: ﴿إِنْ تَحْرِصْ﴾. لغتان؛ فمِن العربِ مَن يقولُ: حرَص يَحْرِصُ. بفتحِ الراءِ في فَعَل وكسرِها في يَفْعِل. و: حَرِص يَحْرَصُ، بكسرِ الراءِ في فَعِل، وفتحِها في يَفْعَل. والقراءةُ على الفتحِ في الماضي، والكسرِ في المُسْتَقْبَل (١)، وهى لغةُ أهلِ الحجازِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وحلَف هؤلاء المشركون مِن قريشٍ ﴿بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ حَلِفَهم: ﴿لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾. بعدَ مماتِه، وكذَبوا وبَطَلُوا (٢) في أيمانِهم التي حَلَفوا بها كذلك، بل سيَبْعَثُه اللهُ بعد مماتِه ﴿وَعْدًا عَلَيْهِ﴾ أن يَبْعَثَهم؛ وَعْدَ عبادِه، واللهُ لا يُخلِفُ الميعادَ. ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولكن أكثرَ قريشٍ لا يعلمون وَعْدَ اللهِ عبادَه، أنه باعثُهم يومَ القيامةِ بعد مماتِهم أحياءً.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه:


(١) يعنى أن القراءة عند القرأة في قوله تعالى: ﴿إن تحرص﴾ على فتح الراء في الفعل الماضي "حرص"، وكسرها في المضارع "يَحْرِص".
(٢) في م: "أبطلوا". وبطَل الشيء يبطُل بُطْلا وبُطْولا وبُطْلانا ذهب ضياعًا وخسرا فهو باطل. وأبطَل: جاء بالباطل. لسان العرب (ب ط ل).