للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألْحَقْتُموهم باللهِ، فصَيَّرْتموهم له شركاء في عبادَتِكم إياهم، ماذا خَلَقُوا مِن الأرضِ، أم لهم شِرك في السماواتِ، ﴿كَلَّا﴾. يقول تعالى ذكره: كذبوا، ليس الأمرُ كما وصفوا ولا كما جَعَلوا وقالوا، مِن أنَّ للهِ شَريكًا، بل هو المعبود الذي لا شريك له، ولا يَصْلُحُ أن يكونَ له شَريكٌ في مُلْكِه، العزيز في انتقامِه مِمَّنْ أَشْرَك به معه مِن خَلْقِه، الحكيم في تدبيره خَلْقَه.

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨)﴾.

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وما أَرْسَلْناك يا محمد إلى هؤلاء المشركين بالله من قومك خاصةً، ولَكِنَّا أرسلناك كافَّة للناس أجمعين؛ العرب منهم والعجمُ، والأحمر والأسودُ، بَشِيرًا مَن أطاعَك، ونذيرا من كذَّبَك، ولكن أكثر النَّاسِ لا يعلمون أن الله أرْسَلَك كذلك إلى جميع البشر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾. قال: أَرْسَل الله محمدًا إلى العرب والعجم، فأكرمهم على اللهِ أطْوَعُهم له. ذكر لنا أن نبيَّ الله قال: "أنا سابِقُ العَرَبِ، وصُهَيبٌ سابِقُ الرُّومِ، وبِلالٌ سابِقُ الحَبَشِ (١)، وسَلْمانُ سابِقُ فارِسَ" (٢).


(١) في م، ت ١، ت ٢: "الحبشة"، وهو لفظ ابن عدي في الكامل.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٧ - قول قتادة فقط - إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
أما قول النبي فقد أخرجه ابن عدي في الكامل ٧/ ٢٦٢٤، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان ١/ ٤٩ من حديث أنس مرفوعًا.