للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأوثانِ، وإشراكَها في عبادتِه، وأفْرِدوا اللَّهَ بالتوحيدِ، وأخْلِصوا له العبادةَ، فإنه لا شريكَ له في خَلْقِه. وقولُه: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾. يقولُ: إني، أيُّها القومُ، إن لم تَخُصُّوا (١) اللَّهَ بالعبادةِ، وتُفْرِدوه بالتوحيدِ، وتَخْلعوا (٢) ما دونَه مِن الأندادِ والأوثانِ - أخافُ عليكم مِن اللَّهِ عذابَ يومٍ مؤلمٍ عقابُه وعذابُه لمَن عُذِّبَ فيه. وجَعَل الأليمَ مِن صفةِ اليومِ، وهو مِن صفةِ العذابِ؛ إذ كان العذابُ فيه، كما قيل: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا﴾ [الأنعام: ٩٦]. وإنما السَّكَنُ مِن صفةِ ما سَكَنَ فيه، دونَ الليلِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فقال الكبراءُ مِن قومِ نوحٍ وأشرافُهم، وهم الملأُ الذين كفروا باللَّهِ، وجَحَدوا نبوَّةَ نبيِّهم نوحٍ، : ﴿مَا نَرَاكَ﴾ يا نوحُ ﴿إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾: يعنُون بذلك أنه آدميٌّ مثلُهم في الخلقِ والصورةِ والجنسِ، كأنهم كانوا منكِرِين (٣) أن يكونَ اللَّهُ يرسلُ مِن البشرِ رسولًا إلى خلقِه. وقولُه: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾. يقولُ: وما نَراك اتَّبَعك إلا الذين هم سَفِلَتُنا مِن الناسِ، دونَ الكُبَراءِ والأشرافِ، فيما نرَى (٤) ويظهرُ لنا.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "تخلصوا".
(٢) في ت ١، س، ف: "تجعلوا".
(٣) في س: "متكبرين".
(٤) في م: "يرى".