للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم (١) يُفعلْ ذلك (٢) بقرآنٍ قبلَ هذا القرآنِ فيُفعلَ (٣) بهذا. ﴿بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾. يقولُ: ذلك كلُّه إليه وبيدِه، يَهْدِى مَن يشاءُ إلى الإيمانِ فيُوَفِّقُه له، ويُضِلُّ مَن يشاءُ فيَخْذُلُه، أفلم يَتَبَيَّنِ الذين آمنوا باللَّهِ ورسولِه إذ طمِعوا في إجابتي مَن سأَل نبيَّهم مِن تسييرِ الجبالِ عنهم، وتقريبِ أرضِ الشامِ عليهم، وإحياءِ موتاهم، أن لو يشاءُ اللَّهُ لهدَى الناسَ جميعًا إلى الإيمانِ به، من غيرِ إيجادِ آيةٍ، ولا إحداثِ شيءٍ مما (٤) سأَلوا إحداثَه؟ يقولُ تعالى ذكرُه: فما معنى محبتِهم ذلك، مع علمِهم بأن الهدايةَ والإهلاكَ إليَّ ويبدِى، أنْزَلتُ آيةً أو لم أُنْزِلْهَا، أَهْدِى مَن أشاءُ بغيرِ إِنزالِ آيةٍ، وأُضِلُّ مَن أرَدتُ مع إنزالِها؟

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٣١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَا يَزَالُ﴾ يا محمدُ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مِن قومِك ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا﴾ مِن كفرِهم باللَّهِ، وتكذيبِهم إياك، وإخراجِهم لك مِن بين أظْهُرِهم، ﴿قَارِعَةٌ﴾. وهى ما يَقْرَعُهم مِن البلاءِ والعذابِ والنِّقَم، بالقتلِ أحيانًا، وبالجدوبِ (٥) والقَحْطِ أحيانًا، ﴿أَوْ تَحُلُّ﴾ أنت يا محمدُ. يقولُ: أو تَنْزِلُ أنت ﴿قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ بجيشِك وأصحابِك ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ الذي وعدَك فيهم. وذلك ظهورُك عليهم، وفتحُك أرضَهم، وقهرُك إياهم بالسيفِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾. يقولُ: إن اللَّهَ منجزُك يا محمدُ ما وعَدك مِن الظهورِ عليهم؛


(١) في م: "لو".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ف.
(٣) في م: "لفعل".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بما".
(٥) في م: "بالحروب أحيانا".