للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠]. اغتِرارًا باللهِ وكذبًا (١) عليه. فكَذَّبَهم تعالى ذكرُه بهذه الآيةِ وبالتي بعدَها، وحسَم طَمَعَهم، فقال لهم ولجميعِ الكفرةِ به وبرسولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾. يقولُ لهم جلَّ ثناؤُه: فلا تَطْمَعوا أَيُّها الكفرةُ في قَبولِ الفِديةِ منكم، ولا في خروجِكم مِن النارِ بوسائلِ آبائِكم عندى بعدَ دخولِكموها، إن أنتم مُتُّم على كفرِكم الذي أنتم عليه، ولكن تُوبوا إلى اللهِ توبةً نَصُوحًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧)﴾.

يَعْنِي جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ﴾: يُرِيدُ هؤلاءِ الذين كفروا بربِّهم يومَ القيامةِ أن يَخْرُجوا مِن النارِ بعدَ دُخُولِها، وما هم بخارِجين منها، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾. يقولُ: لهم عذابٌ دائمٌ ثابتٌ لا يَزُولُ عنهم، ولا يَنتَقِلُ أبدًا. كما قال الشاعرُ (٢):

فإنَّ لكمْ بِيَوْمِ الشِّعْبِ مِنِّي … عذابًا دائمًا لَكُمُ مُقِيما

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يَحيَى بنُ واضِحٍ، قال: ثنا الحسينُ بنُ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "تكذيبا".
(٢) مجاز القرآن ١/ ١٦٥، وتفسير القرطبي ٦/ ١٥٩، دون نسبة.