للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ﴾. يعنى: ماكثون فيها. يقولُ: هؤلاء الذين يَرِثون الفردوسَ ﴿خَلِدُونَ﴾. يَعْنِي: ماكثون فيها أبدًا، لا يَتَحَوَّلون عنها.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طينٍ (١٢)﴾.

يقول تعالى ذكره: ولقد خَلَقْنا الإنسان من سُلالةٍ من طينٍ، أَسْلَلْناه منه. فالسلالةُ هى المُستَلَّةُ من كلِّ تربةٍ؛ ولذلك كان آدم خُلق من تربةٍ أُخِذَت من أدِيمِ الأرض.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل؛ على اختلافٍ منهم في المعنيِّ بالإنسان في هذا الموضع؛ فقال بعضهم: عُنِى به آدم.

ذكر من قال ذلك

حدَّثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ: ﴿مِن طِينٍ﴾. قال: استُلَّ آدم من الطين (١).

حدَّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن مَعْمَرٍ، عن قتادة في قوله: ﴿مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ﴾. قال: استُل آدم من طينٍ، وخُلِقت ذريتُه من ماءٍ مَهِينٍ (٢).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولقد خلقنا ولد آدمَ -وهو الإنسانُ الذي ذُكر في هذا الموضعِ- ﴿مِن سُلَالَةٍ﴾ وهى النُّطْفَةُ التي استُلَّت من ظهرِ الفَحْلِ، ﴿مِن طِينٍ﴾ وهو آدم الذى خُلِق من طينٍ.


(١) أخرجه ابن سعد ١/ ٣٠ من طريق معمر به.
(٢) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٤٤.