للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بذلك: واعْلَموا أيُّها الناسُ أن اللَّهَ يَعْلَمُ ما في أنفسِكم مِن هَواهُنَّ ونكاحِهن وغيرِ ذلك مِن أمورِكم، ﴿فَاحْذَرُوهُ﴾. يقولُ: فاحْذَرُوا اللَّهَ واتَّقُوه في أنفسِكم أن تَأْتُوا شيئًا مما نهاكم عنه مِن عزمِ عُقْدَةِ نكاحِهن، أو مُواعَدَتِهِن السرَّ في عِدَدِهن، وغير ذلك مما نهاكم عنه في شأنِهن في حالِ ما هن مُعْتَدَّاتٌ، وفي غير ذلك، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾. يعني أنه ذو سَتْرٍ لذنوبِ عبادِه، وتَغْطيةٍ عليها فيما تُكِنُّه نفوسُ الرجالِ مِن خِطْبةِ المعتداتِ، وذكرِهم إياهن في حالِ عِدَدِهن، وفي غيرِ ذلك مِن خَطاياهم.

وقولُه: ﴿حَلِيمٌ﴾. يعني أنه ذو أَناةٍ، لا يَعْجَلُ على عبادِه بعقوبتِهم على ذنوبِهم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾: لا حرَجَ عليكم، ﴿إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾. يقولُ: لا حرَجَ عليكم في طلاقِكم نساءَكم وأزواجَكم، ﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ (١)﴾. يعني بذلك: ما لم تُجامِعُوهن. والمُماسَّةُ في هذا الموضعِ كنايةٌ عن اسمِ الجماعِ.

كما حدَّثنا حميدُ بنُ مَسْعَدةَ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، وحدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قالا جميعًا: حدَّثنا شعبةُ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، قال: قال ابن عباسٍ: المسُّ الجماعُ (٢)، ولكنَّ اللَّهَ يَكْنِي [ما شاء] (٣)


(١) في ص، م، ت ١، ت ٣: "تماسوهن". قراءة، وستأتي.
(٢) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "النكاح".
(٣) في م: "ما يشاء"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "من شاء".