للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما شاء (١).

حدَّثني المثنى، قال: حدَّثنا أبو صالحٍ، قال: حدَّثني معاويةُ، عن عليِّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ، قال: المسُّ النكاحُ (٢).

وقد اخْتَلَفت القرَأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأتْه عامَّةُ قَرَأةِ أهلِ الحجازِ والبصرةِ: ﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾. بفتحِ التاءِ مِن ﴿تَمَسُّوهُنَّ﴾، وبغيرِ ألفٍ (٣)، مِن قولِك: مَسِسْتُه أَمَسُّه مَسًّا ومَسِيسًا ومِسِّيسَى. مقصورٌ مُشَدَّدٌ غيرُ مُجْرًى. وكأنهم اخْتاروا قراءةَ ذلك إلحاقًا منهم له بالقراءةِ المُجْتَمَعِ عليها في قولِه: ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ [آل عمران: ٤٧، مريم: ٢٠].

وقرَأ ذلك آخَرون: (ما لم تُماسُّوهُنَّ). بضمِّ التاءِ، والألفِ بعدَ الميمِ (٤)، إلحاقًا منهم ذلك بالقراءةِ المُجتَمعِ (٥) عليها في قولِه: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣]. وجعَلوا ذلك بمعنى فِعْلِ كلِّ واحدٍ مِن الرجلِ والمرأةِ بصاحبِه، مِن قولِك: ماسَسْتُ الشيءَ أُماسُّه (٦) مُماسَّةً ومِساسًا.

والذي نَرَى في ذلك أنهما قِراءتانِ صَحيحتا المعنى، مُتَّفِقَتا التأويلِ، وإن كان في إحْداهما زيادةُ معنًى غيرُ مُوجِبةٍ اختلافًا في الحكمِ والمفهومِ. وذلك أنه لا يَجْهَلُ ذو فهمٍ إذا قيل له: مَسِسْتُ زوجتي. أن الممسوسةَ قد لاقَى مِن بدنِها بدنُ الماسِّ ما لاقاه مثلُه مِن بدنِ الماسِّ. فكلُّ واحدٍ منهما وإن أُفْرِد الخبرُ عنه


(١) سيأتي في ٧/ ٦٣، ٦٤.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٤٢ (٢٣٤٦) من طريق أبي صالح به.
(٣) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وعاصم وابن عامر. ينظر حجة القراءات ص ١٣٧، ١٣٨.
(٤) وهي قراءة حمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المجمع".
(٦) سقط من: م.