للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنه الذي مسَّ (١) صاحبَه - معقولٌ بذلك (٢) الخبرِ نفسِه أن صاحبه الممسوسَ قد ماسَّه. فلا وجهَ للحكمِ لإحدى القراءتين مع اتفاق معانيهما، وكثرةِ القرأةِ (٣) بكلِّ واحدةٍ منهما بأنها أولى بالصوابِ مِن الأخرى، بل الواجب أن يكونَ القارئُ بأيتِهما قرَأ، مُصيبَ الحقِّ في قراءتهِ.

وإنما عنَى اللَّهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ (٤)﴾. المطلَّقاتِ قبلَ الإفْضاءِ إليهن في نكاحٍ قد سُمِّي لهن فيه الصَّداقُ.

وإنما قلْنا: إن ذلك كذلك، لأن كلَّ مَنْكوحةٍ فإنما هي إحدى اثنتين؛ إما مُسمًّى لها الصداقُ، أو غيرُ مسمًّى لها ذلك، فعلِمْنا بالذي يَتْلُو ذلك مِن قولِه تعالى ذكرُه، أن المعنيةَ بقولِه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾. إنما هي المسمَّى لها؛ لأن المعنيةَ بذلك لو كانت غيرَ المَفْروضِ (٥) لها الصداقُ، لمَا كان لقولِه (٦): ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾. معنًى معقولٌ، إذ كان لا معنَى لقولِ قائلٍ: لا جُناحَ عليكم إنْ طلَّقْتُم النساءَ ما لم تَفْرِضوا لهن فريضةً في نكاحٍ (٧) لم تُماسُّوهن فيه، أو ما لم تَفْرِضوا لهن فَريضةً. فإذ كان لا معنَى لذلك، فمعلومٌ أن الصحيحَ مِن التأويلِ في ذلك: لا جُناحَ عليكم إن طلَّقْتُم المفروضَ لهن مِن نسائِكم الصَّداقُ قبلَ أن تُماسُّوهن، وغيرَ المَفروضِ لهن قبلَ الفرضِ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ماس".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فذلك"، وفي م: "كذلك". والمثبت هو الصواب
(٣) في م: "القراءة".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تماسوهن".
(٥) في ص: "المفرض"، وفي ت ٢: "المفوضة".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بقوله".
(٧) بعده في ت ٢: "ما".