للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ذكرُه: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤُه: وذِلُّوا للَّهِ بالطاعةِ، واخضَعوا له بها، وأفرِدوه بالربوبيةِ، وأخلِصوا له الخُضوعَ والذُّلَّةَ، بالانتهاءِ إلى أمرِه، والانْزجارِ عن نَهْيِه، ولا تجعَلوا له في الربوبيةِ والعبادةِ شَرِيكًا تُعَظِّمونه تَعْظيمَكم إياه.

﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. يقولُ: وأمَركم بالوالدين إحسانًا، يعنى بِرًّا بهما. ولذلك نصب الإحسانَ؛ لأنه أمْرٌ منه جلّ ثناؤُه بلُزومِ الإحسانِ إلى الوالدين على وَجْهِ الإغراءِ. وقد قال بعضُهم: معناه: واستَوصُوا بالوالدين إحسانًا. وهو قريبُ المعنى مما قلناه.

وأما قوله: ﴿وَبِذِي الْقُرْبَى﴾. فإنه يعنى: وأمر أيضًا بذى القُرْبى -وهم ذَوو قَرابةِ أحدِنا مِن قِبَل أبيه أو أمِّه، ممن قَرُبَت منه قرابتُه برَحِمِه مِن أحدِ الطرفَين- إحسانًا بصِلَةِ رحمِه.

وأما قولُه: ﴿وَالْيَتَامَى﴾. فإنهم جمعُ يتيمٍ، وهو الطفلُ الذي قد مات والدُه وهَلَك.

﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾. وهم جمعُ مسكينٍ، وهو الذي قد رَكِبه ذُلُّ الفاقةِ والحاجةِ، فتَمَسْكَن لذلك.

يقولُ تعالى ذكرُه: استوصُوا بهؤلاء إحسانًا إليهم، وتَعَطَّفوا عليهم، والزَموا