للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلُ من فعلِ الأخنسِ بنِ شَرِيقٍ.

وقال بعضُهم: بل معنى ذلك: قَطْعُ الرَّحِمِ وسَفْكُ دماءِ المسلمين.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجّاجٌ، عن ابنِ جريجٍ في قولِه: ﴿سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾: قَطَعَ الرَّحِمَ، وسَفَكَ الدماءَ؛ دماءَ المسلمين، فإذا قيل: لِمَ تَفعلُ كذا وكذا؟ قال: أَتقرَّبُ به إلى اللَّهِ.

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يقالَ: إن اللَّهَ وصَف هذا المنافقَ بأنه إذا تولَّى مُدبِرًا عن رسولِ اللَّهِ عَمِل في أرضِ اللَّهِ بالفسادِ، وقد يَدخُلُ في الإفسادِ جميعُ المعاصي، وذلك أن العملَ بالمعاصي إفسادٌ في الأرضِ، ولم يَخْصُصِ اللَّهُ وصْفَه ببعضِ معاني الإفسادِ دونَ بعضٍ. وجائزٌ أن يكونَ ذلك الإفسادُ منه كان بمعنى قَطْعِ الطريقِ، [وجائزٌ أن يكونَ كان يقطَعُ الرحمَ ويسفِكُ الدماءَ] (١)، وجائزٌ أن يكونَ كان غيرَ ذلك، وأيُّ ذلك كان منه فقد كان إفسادًا في الأرضِ؛ لأن ذلك كان منه للَّهِ معصيةٌ، غيرَ أن الأَشبهَ بظاهرِ التنزيلِ أن يكونَ كان يقطعُ الطريقَ، ويُخِيفُ السبيلَ؛ لأن اللَّهَ وصَفَه في سياقِ الآيةِ بأنه يسعَى في الأرضِ ليُفسِدَ فيها، ويُهلِكَ الحرثَ والنَّسْلَ، وذلك بفعلِ مُخيفي السُّبُلِ، أشبهُ منه بفعلِ قُطّاعِ الرَّحِمِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في وجهِ إهلاكِ هذا المنافقِ - الذي وصَفَه اللَّهُ بما وصَفَه به


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.