للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجّاجٌ، قال: قال ابنُ جريجٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى﴾. قال: إذا غَضِب.

فمعنى الآيةِ: وإذا خرَج هذا المنافقُ من عندِك يا محمدُ غَضْبانَ، عَمِل في الأرضِ بما حرَّم اللَّهُ عليه، وحاول فيها معصيةَ اللَّهِ، وقَطْعَ الطريقِ، وإفسادَ السُّبلِ على عبادِ اللَّهِ، كما قد ذكَرْنا آنفًا من فعلِ الأخنسِ بنِ شَرِيقٍ الثَّقَفِيِّ، الذي ذكَر السدِّيُّ أن فيه نزلَتْ هذه الآيةُ؛ من إحراقِه زُروعَ المسلمِين وقَتْلِه حُمُرَهم.

والسَّعْيُ في كلامِ العربِ: العملُ، يقالُ منه: فلانٌ يَسْعَى على أهلِه. يعني به: يعْمَلُ فيما يعودُ عليهم نفعُه. ومنه قولُ الأعشى (١):

وسَعَى لِكِنْدَةَ سَعْيَ غيرِ مُوَاكِلٍ … قَيْسٌ فضَرَّ عَدُوَّها وبَنَى لهَا

يعني بذلك: عَمِل لها في المكارمِ.

وكالذي قلْنا في ذلك كان مجاهدٌ يقولُ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ﴾. قال: عَمِل (٢).

واختلَف أهلُ التأويلِ في معنى الإفسادِ الذي أضافَه اللَّهُ إلى هذا المنافقِ؛ فقال بعضُهم: تأويلُه ما قلْنا فيه من قَطْعِه الطريقَ وإخافتِه السبيلَ، على ما قد ذكَرْنا


(١) ديوانه ص ٣١.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٦٦ (١٩٢٦) من طريق ابن أبي نجيح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٣٩ إلى عبد بن حميد مطولًا.