للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سفيانَ، عن عليِّ بن بذيمةَ، قال: سمِعت أبا عُبيدةَ يقولُ: قال رسولُ اللهِ فذكَر نحوَه، غيرَ أنهما قالا في حديثِهما: وكان رسولُ اللَّهِ مُتكئًا فاسْتَوى جالسًا ثم قال: "كلا والذي نفسي بيدِه، حتى تأخذوا على يَدَى الظالمِ فتَأْطِروه على الحقِّ أطرًا".

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾. قال: فقال: لُعِنوا في الإنجيلِ وفى الزبورِ. وقال: قال رسولُ الله : "إن رَحَى الإيمانِ قد دارت، فدُوروا مع القرآنِ حيثُ دار، فإنه (١) قد فرَغ الله مما افْتَرض فيه، [وإنه كانت] (٢) أمةٌ من بنى إسرائيلَ كانوا أهلَ عَدْلٍ، يأمرون بالمعروف ويَنْهَون عن المُنْكَرِ، فأخذهم قومُهم فنشَروهم بالمناشيرِ، وصلَبوهم على الخُشُبِ، وبَقِيَتْ منهم بَقِيَّةٌ، فلم يَرْضَوا حتى داخَلُوا الملوكَ وجالَسوهم، ثم لم يَرْضَوا حتى واكَلُوهم، فضرَب اللَّهُ تلك القلوبَ بعضَها ببعضٍ فجعَلها واحدةً، فذلك قولُ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ﴾ إلى: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾. ماذا كانت معصيتُهم؟ قال: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (٣).

فتأويلُ الكلامِ إذن: لعَن الله الذين كفَروا مِن اليهودِ باللهِ، على لسانِ داودَ وعيسى ابن مريمَ، ولُعِنَ والله آباؤهم على لسانِ داودَ وعيسى ابن مريمَ، بما عصَوا اللَّهَ فخالَفوا أمرَه، ﴿وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾. يقولُ: وكانوا يتجاوزون حُدودَه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا


(١) بعده في بياض بقدر كلمتين، وكتب مقابله في الحاشية: ط. دلالة على الخطأ.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وإن ابن مرح"، وفى مطبوعة الدر المنثور عن معاذ مرفوعا بنحوه: "إن بني يأجوج"، وفى النسخ الخطية: "إن بنى مرخ"، أو "إن بني مرح". ولم نهتد إلى صواب هذه العبارة.
(٣) أخرج آخره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٨٢ (٦٦٦٦) من طريق أصبغ، عن ابن زيد.