للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَرْضُها كعرضِ السماءِ والأرضِ، التي أعدَّها اللَّهُ للذين آمنوا باللَّهِ ورسلِه - فضلُ اللَّهِ تَفضَّل به على المؤمنين، واللَّهُ يؤتي فَضْلَه مَن يشاءُ مِن خَلْقِه، وهو ذو الفَضْلِ العظيمِ عليهم، بما بَسَط لهم مِن الرزقِ في الدنيا، ووهَب لهم مِن النِّعمِ، وعرَّفهم موضعَ الشكرِ، ثم جزاهم في الآخرةِ على الطاعةِ ما وصَف أنه أعدَّه لهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ما أصابكم أيُّها الناسُ من مصيبةٍ في الأرضِ؛ بجُدُوبِها وقُحُوطِها وذَهابِ زروعِها وفسادِها، ولا في أنفسِكم؛ بالأوصابِ والأوجاعِ والأسقامِ، ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾. يعني: إلا في أمِّ الكتابِ، ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾. يقولُ: من قبلِ أن نَبْرَأَ الأنفسَ، يعني: مِن قبلِ أن نخلُقَها. يقالُ: قد بَرَأ اللَّهُ هذا الشيءَ. بمعنى: خَلَقه، فهو بارئُه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾. قال: هو شيءٌ قد فُرِغ منه مِن قبلِ أن نبرَأَ النفسَ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ﴾: أما مصيبةُ الأرضِ فالسِّنون، وأما في أنفسِكم فهذه الأمراضُ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٦ إلى المصنف.