الزرعِ الذي وصف جلَّ ثناؤُه صفته، ثم قال: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾. فدلَّ ذلك على متروكٍ من الكلامِ، وهو أن الله تعالى فعل ذلك بمحمدٍ ﷺ وأصحابِه ليَغيظَ بهم الكفارَ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾. يقولُ اللهُ: مَثَلُهم كمثلِ زرعٍ أَخْرَج شَطْأَهُ فَآزَرَه، فاسْتَغلظَ، فاستوى على سوقه، حتى بلَغ أحسنَ النباتِ، يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ من كثرتِه وحُسْنِ نباتِه (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾. قال: يعجب الزُّرَّاعَ حُسنُه، ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾: بالمؤمنين، لكثرتِهم، فهذا مَثَلُهم في الإنجيلِ.
وقولُه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وعَدَ الله الذين صدَّقوا الله ورسولَه، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: وعَمِلوا بما أمرهم اللهُ به من فرائضِه التي أوجَبها عليهم.
وقولُه: ﴿مِنْهُمْ﴾. يعنى: من الشَّطْءِ الذي أخرَجه الزرعُ؛ وهم الدَّاخلون في الإسلامِ بعد الزرعِ الذي وصَف ربنا ﵎ صفَتَه.
والهاءُ والميمُ في قولِه: ﴿مِنْهُمْ﴾ عائدةٌ على معنى الشَّطْءِ لا على لفظِه،
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨٣ إلى المصنف وابن مردويه.