للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأبرارُ في النعيمِ. وذلك نحوُ قولِه: ﴿وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (٤٨)[الحجر: ٤٨].

وقولُه: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمد : ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ يا محمدُ. أي: وما أشْعَرك، ﴿مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾. يقولُ: أَيُّ شيءٍ يومُ الحسابِ والمجازاةِ؟! معظِّمًا شأنَه جلَّ ذكرُه بقيلِه ذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)﴾: تعظيمًا ليومِ القيامةِ؛ يومٌ يُدانُ فيه الناسُ بأعمالِهم (١).

وقولُه: ﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨)﴾. يقولُ: ثم أيُّ شيءٍ أَشْعَرِك أَيَّ شيءٍ يومُ المجازاةِ والحسابِ يا محمدُ. تعظيمًا لأمرِه، ثم فسَّر جلَّ ثناؤُه بعضَ شأنِه؛

فقال: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ذلك اليومُ ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ﴾. يقولُ: يومَ لا تُغنى نفسٌ عن نفسٍ شيئًا، فتدفع عنها (٢) بليَّةً نزَلت بها، ولا تنفعُها بنافعةٍ، وقد كانت في الدنيا تحمِيها، وتدفعُ عنها مَن بغاها سوءًا، فبطَل ذلك يومئذ؛ لأن الأمرَ صار للَّهِ لا يغلبُه غالبٌ، ولا يقهرُه قاهرُ، واضمحَلَّت هنالك الممالكُ، وذهَبت الرياساتُ، وحصَل الملكُ للملكِ الجبارِ، وذلك قولُه: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾. يقولُ: والأمرُ كلُّه يومَئذٍ - يعنى الدينَ - لِلَّهِ دون سائرِ خلقِه، ليس لأحدٍ من خلقِه معه يومَئِذٍ أمرٌ ولا نهىٌ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) تقدم تخريجه في ١٩/ ٥١٨
(٢) في ص، ت ١، ت،٢، ت ٣: "فيدفع عنه".