يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥]. منكرين قدرةَ اللهِ على إعادتِهم خلقًا جديدًا بعدَ فنائهم وبلائِهم، ولا يُنكِرون قدرتَه على ابتدائِهم وتصويرِهم في الأرحامِ، وتدبيرِهم وتصريفِهم فيها حالًا بعد حالٍ، فابتدَأ الخبرَ عن ذلك ابتداءً، والمعنى فيه ما وُصِف، فقال جلَّ ثناؤُه: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾. يقولُ: وما تَنْقُصُ الأرحامُ من حملِها في الأشهرِ التسعةِ، بإرسالِها دمَ المحيض، وما تزدادُ في حملِها على الأشهرِ التسعةِ، لتمامِ ما نقَص من الحملِ في الأشهرِ التسعةِ، بإرسالِها دمَ المحيضِ. ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ لا يُجَاوِزُ شيءٌ من قَدَرِه عن تقديرِه، ولا يَقْصُرُ أمرٌ أراده فدبَّره عن تدبيره، كما لا يَزْدَادُ حملُ أنثى على ما قُدِّر له من الحملِ، ولا يَقْصُرُ عما حُدَّ له من القَدْرِ. والمقدارُ: مِفْعَالٌ من القدرَ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يعقوب بن ماهانَ، قال: ثنا القاسمُ بنُ مالكٍ، عن داودَ بن أبي هندٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾. قال: ما رأَت المرأة من يومٍ دمًا على حملِها، زاد في الحملٍ يومًا (١)
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢٢٦ (١٢١٦) عن ابن عباس بنحوه، وذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٥٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٥ إلى ابن المنذر.