للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّصْرانيَّين، أو عَدْلان مِن المسلمين، هما أعدلُ وأجوزُ شهادةً من الشاهدَيْن الأوَّلَيْن، أو المُقسِمَين.

وفي إجماعِ جميعِ أهلِ العلمِ على ألَّا حكمَ للهِ تعالى ذكرُه يَجبُ فيه على شاهدٍ يمينٌ فيما قام به مِن الشهادةِ، دليلٌ واضحٌ على أن غيرَ هذا التأويلِ الذي قاله الحسنُ، ومَن قال بقولِه في قولِ اللهِ تعالى: ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا﴾. أولى به.

وأما قولُه: ﴿الْأَوْلَيَانِ﴾. فإن معناه عندَنا: الأوْلى بالميتِ مِن المُقْسِمَيْن الأوَّلَيْن فالأَوْلَى. وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ معناه: الأَوْلى باليمينِ منهما فالأَوْلَى. ثم حُذف "منهما" (١). والعربُ تَفْعَلُ ذلك، فتقولُ: فلانٌ أفضلُ. وهي تُرِيدُ: أَفضلُ منك. وذلك إذا وُضِع "أفعلُ" موضعَ الخبرِ، وإن وقَع موقعَ الاسمِ، وأُدْخِلَت فيه الألفُ واللامُ، فعَلوا ذلك أيضًا، إذا كان جوابًا لكلامٍ قد مضَى، فقالوا: هذا الأفضلُ، وهذا الأشرفُ. يُريدون: هو الأشرفُ منك.

وقال ابن زيدٍ: معنى ذلك: الأوْلَيان بالميتِ.

حدَّثني يونُسُ، عن ابن وهبٍ عنه (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فيُقْسِمُ الآخَران اللذان يَقومان مَقامَ اللذَين عُثِر على أنهما اسْتَحَقَّا إثمًا بخيانتِهما مالَ الميتِ، الأوْلَيان باليمينِ والميِّتِ مِن الخائنَين، ﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾. يقولُ: لأيمانُنا أحقُّ مِن أيمانِ المقسمَيْن


(١) سقط من: س، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيهما". وهكذا رسمت في ص إلا أنها غير منقوطة.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٤٤ إلى المصنف.