للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُسْخِطُه عليكم، فتوافُوه (١) يومَ تجدُ كلُّ نفسٍ ما عمِلت من خيرٍ محضرًا، وما عمِلت من سوءٍ تودُّ لو أن بينَها وبينَه أمدًا بعيدًا، وهو عليكم ساخطٌ، فيَنالَكم من أليمِ عقابِه ما لا قِبَلَ لكم به.

ثم أخبر ﷿ أنه رءوفٌ بعباده رحيمٌ بهم، ومن رأفته بهم تَحذِيرُه إيَّاهم نفسه، وتخويفُهم عقوبتَه، ونَهيُه إيَّاهم عما نهاهم عنه مِن معاصيه.

كما حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: أخْبرَنا عبدُ الرزاقِ، عن ابن عُيينةَ، عن عمرٍو، عن (٢) الحسنِ في قولِه: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾. قال (٣): مِن رأفتِه بهم أن حذَّرهم نفسَه (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١)﴾.

اختلف أهلُ التأويلِ في السببِ الذي أُنزِلتْ هذه الآيةُ فيه؛ فقال بعضُهم: أُنزِلت في قومٍ قالوا على عهد النبيِّ : إِنَّا نُحِبُّ رَبَّنَا. فَأَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وعزَّ نبيَّه محمدًا أن يقولَ لهم: إن كُنتم صادِقين فيما تَقولون فاتَّبعونى، فإنَّ ذلك علامةُ صِدْقِكم فيما قُلْتُم مِن ذلك.


(١) في م: "فتوافونه".
(٢) في النسخ: "بن". والمثبت من مصادر التخريج. وينظر تهذيب الكمال ٢٢/ ١٢٣.
(٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س: "هو".
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ١١٨، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٣٢ (٣٣٩٨) من طريق الفضيل بن عياض، عن الحسن.